مسائل يكثر السؤال عنها في الثورة السورية

بسم الله الرحمن الرحيم

توصيف الجيش السوري

الجيش السوري التابع للنظام البعثي هو جيش ردة، فإن هذا النظام نظام كفر. وكفره مركب من: علمانية (والعلماني كافر، لأنه يجحد بعض الواجبات المعلومة من الدين بالضرورة مثل التحاكم لشرع الله، ويبيح بعض المحرمات المعلومة تحريمها من الدين بالضرورة)، وكفره مركب أيضا من مظاهرة الباطنية والرافضة على المسلمين، ومظاهرة الصليبيين على بعض المسلمين (شباب الجهاد)، والحكم بالقوانين الوضعية وتشريعها، وإكراه الناس على كلمة الكفر ("لا إله إلا بشار")، والسجود لبشار، ومحاربة بعض المظاهر الدينية (الصلاة والحجاب واللحى)، والاستهزاء بالدين عبر وسائل الإعلام الفنية، إلخ. ويضاف إلى ذلك قتل المسلمين وسفك دمائهم واركتاب مجازر في حق أطفالهم واغتصاب نسائهم إلخ، وهذا يعطيه طابع المحارب.

فمن قاتل تحت تلك الراية يعامل على ظاهره ويلحق بالمرتدين. قال شيخ الاسلام (28|530) عن من يقاتل مع التتر: «وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام». وكل من أعانهم من مخبر وشبيح وعنصر أمن وجندي يلحق بهم ويقاتل على أنه مرتد،حتى يكف شرهم وحتى يكون الدين كله لله. وإن كان مكرها، يبعث يوم القيامة على نيته. ودليل ذلك ما في صحيح مسلم (#2882) عن الجيشِ الذي يُخسف بهم، فقالت أم سلمة t: «يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟»، قال: «يخسف به معهم، ولكنه يُبعث يوم القيامة على نيته». وعند البخاري (#2118) من حديث عائشة t: «وفِيهِم أَسواقُهم (أهل أسواقهم الذين يبيعون ويشترون ولم يقصدوا الغزو)، ومَن ليسَ مِنْهُم». مع أن الإكراه لا يبيح له قتل غيره من المسلمين، فليست نفسه أعز وأكرم من نفوس المسلمين.

أما الناس التي اعتزلت القتال فلا يشملها هذا الحكم، ويتركوا بسلام.

توصيف الطائفة النصيرية

الطائفة النصيرية طائفة مرتدة بإجماع العلماء المتقدمين والمتأخرين. ولم يخالف في ذلك إلا بعض من أصابته الهزيمة الفكرية بعد مجيء حافظ الأسد فقالوا النصيرية كفار أصليين، بدلا من كفار مرتدين. ومن يقول هذا عنده خلل في فهم العقيدة، لأن من يردد الشهادتين ويدعي الإسلام ويرتكب ناقضا للإسلام يكون مرتدا ولا يعامل معاملة الكافر الأصلي. وهو ما أطلق عليه بعض السلف بالزنديق (ويقصدون المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر). وتاريخ هذه الفرقة وأحكام العلماء عليها يأتي بمقالة مستقلة: النصيرية.

توصيف الطائفة الشيعية

الطائفة الشيعة الاثني عشرية، جزء من الرافضة الذين كفرهم السلف. قال الإمام مالك: «الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس له نصيب في الإسلام». كتاب السنة للخلال (3|489) وفيه ص493: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي ﷺ فقال: «ما أراه على الإسلام». وقال المروذي: سألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: «ما أُرَاهُ على الإسلام». وقال البخاري في كتابه خلق أفعال العباد (ص125): «ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى! ولا يُسَلّم عليهم، ولا يعادون (أي لا يُزارون)ـ ولا يناكحون، ولا يُشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم».

قال ابن تيمية عمن يشتم الصحابة في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص586): «وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم (أي الصحابة) ارتدوا بعد رسول الله ﷺ إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضا في كفره، فإنه مكذّبٌ لما نصه القران في غير موضعٍ من الرضى عنهم والثناء عليهم. بل من يشك في كفر مثل هذا فان كفره متعين. فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا! ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها. وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام».

وهذا صريح جداً في تكفير الشيعة المعاصرين، بل في تكفير من شك في كفرهم. والشيعة الاثني عشرية المعاصرين يقولون بتفسيق جمهور الصحابة ونصوصهم طافحة في كتبهم. علما أن الشيعة اليوم أكثر غلوا بمرات من الشيعة في زمنه. فكتب الشيعة أكثرها قد كُتب في العهد الصفوي أي بعد عصر ابن تيمية (وإن نسبت هذه الكتب زورا لزمان الأئمة الاثنا عشر). والغلو الصفوي قد غير تلك الفرقة إلى فرقة شبيهة بالإسماعيلية وبالقرامطة. اقرأ ان شئت اعترافات مفكرهم المعاصر ومنظر ثورتهم د شريعتي. هذا عدا عن الكفريات الأخرى التي وقعوا بها مثل الاستغاثة بغير الله وإعانة النصيرية على حرب المسلمين.

توصيف الطائفة النصرانية

النصارى اليوم لا دخل لهم بأهل الذمة ولا يقبلون هذا الاسم، ولا يؤدون الجزية لأحد. ولم يعطهم أحد أمانا. ومع هذا فنرى عدم التعرض لدماء وأموال وأعراض النصارى من باب السياسة الشرعية. وكذلك سائر الطوائف الكافرة، إلا الأفراد والطوائف التي ثبت ولاؤهم للنظام.

النصارى اليوم لا يُقرّون بعقد الذمة ولا يعترفون به، بل يستنكفون ويرفضون أن يكونوا أهل ذمة للمسلمين. ويرفض هؤلاء النصارى أن تكون لهم تبعية للإسلام والمسلمين، أو أن يكون للإسلام عليهم وصاية. وأكثرهم يرفضون تطبيق الشريعة الإسلامية. كما أن مفهوم أهل الذمة يعني بداهة: الضعف والصّغار والاستسلام والخضوع لأحكام الغالب والتبعية له. أما النصارى الموجودون في بلاد الإسلام، فحالهم أبعد ما يكون عن حال أهل الذمة. فهم لا يخضعون للإسلام ولا يخضعون للمسلمين، بل هم طائفة لها شوكة ومنعة يمتنعون بها عن المسلمين. فالزعم أنهم من أهل الذمة مكابرة على الواقع، وخروج من نصوص العلماء، فضلا أن النصارى أنفسهم يأبون هذا.

قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات (4|288): «ومعنى عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم، بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة. والأصل فيها قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} وحديث المغيرة بن شعبة: قال لجند كسرى يوم نهاوند: "أمرنا رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية" رواه البخاري». وقال المرداوي في الإنصاف (4|167): «لا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين: بذل الجزية، والتزام أحكام الملة من جريان أحكام المسلمين عليهم». وقال (4|182): «إذا امتنع الذمي من بذل الجزية أو التزام أحكام الملة، انتقض عهده». وقال القرطبي في تفسيره (8|114): «لو عاهد الإمام أهل بلد أو حصن، ثم نقضوا عهدهم وامتنعوا من أداء ما يلزمهم من الجزية وغيرها وامتنعوا من حكم الإسلام -من غير أن يظلموا وكان الإمام غير جائر عليهم-، وجب على المسلمين غزوهم وقتالهم مع إمامهم. فإن قاتلوا وغلبوا، حكم فيهم بالحكم في دار الحرب سواء. وقد قيل: هم ونساؤهم فيء، ولا خمس فيهم». وقد فصلنا هذا بمقال مستقل عن أهل الذمة.

وهذا واضح أنه لا يوجد اليوم لا جزية ولا التزام أحكام الملة ولا من يقبلون بتسميتهم بأهل الذمة. وتاريخيا قد ألغيت الجزية رسميا سنة 1856 من الدولة العثمانية بقرار سمي بالخط الهيموني بعد خسارتها لحرب القرم وفرض شروط مذلة عليها. ثم جاء الاستعمار الأوربي فجعل المسلمين هم أهل ذمة عند النصارى وليس العكس خاصة في بلاد مثل لبنان (حيث الرئاسة ومقاليد الحكم حكر لهم) ومصر (حيث يسيطر 4% من السكان على ثلث ثروة البلاد ولا تقدر الحكومة أن ترد لهم كلمة). ومع ذلك تدعي "هيئة الشام" المستتتركة أن النصارى ما زالوا أهل ذمة أبد الدهر، وأن على المسلمين بذل أرواحهم ودمائهم في الدفاع عن النصارى. ومثلهم مثل من يكابر فيقول أن الأندلس ما تزال بلدا إسلاميا!

فإن قيل ماذا عن قول الفقهاء أن عقد الذمة مؤبد؟ جواب هذا أنه ما لم ينقض النصارى هذا أو يخلوا بشرطه. قال ابن قدامة في المغني: «ولا يجوز عقدُ الذّمّة المؤبّدة إلا بشرطين؛ أحدهما: أن يلتزموا إعطاءَ الجزيةِ في كلِّ حولٍ. والثاني: التزامُ أحكامِ الإسلام، وهو قَبولُ ما يُحكم به عليهم مِن أداء حقٍّ، أو تركِ محرّم، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏}‏». فالآية قد اشترطت للذمة دفع الجزية والتزام الصغار (وهو الخضوع للمسلمين)، فمن زعم بأن الذمة يمكن أن تتحقق دون اجتماع هذين الشرطين، فهو معارض لصريح القرآن. ودعوى أنَّ الكفّارَ المقيمين في بلاد الإسلام لا يكونون إلا (ذمّيين أو مستأمنين) ادعاء ساذج مخالف للواقع، فهاهم في جبل لبنان يملكون مقاليد الحكم منذ مئتي سنة ويسومون المسلمين العذاب (خاصة الفلسطينيين منهم). مع أن لفظ بلاد الإسلام يراد به في كتب الفقه: البلاد التي تُحكَم بشريعة الإسلام، ولا يقصدون البلاد التي غالب سكانها من المسلمين، فهذا لا أثر لها على الأحكام الفقهية. قال السرخسي في شرح السير الكبير (ص2197): «والدار تصير دار المسلمين بإجراء أحكام المسلمين». وقد حكم المسلمون بلادا شاسعة مثل الهند رغم كونهم أقلية بها، وكانت آنذاك بلادا إسلامية لأنها حُكِمَت بالشريعة، فلما زالت الشريعة الإسلامية عنها لم تعد تسمى بلادا إسلامية.

بينما هناك بلاد شعبها من المسلمين ولما تولاها من لم يحكم بالشريعة، نص العلماء على أنها أصبحت دار كفر. قال شيخ الإسلام في الفتاوى (35|139) عن مصر أيام العبيديين الشيعة: «قالت فيها العلماء إنها كانت دار ردة ونفاق كدار مسيلمة الكذاب». وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2|728): «قال الجمهور: دار الإسلام هي التي نزلها المسلمون، وجرت عليها أحكام الإسلام، وما لم تجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام». وقال ابن عبد الوهاب في مختصر السيرة (ص51) عن العبيديين: «أجمع أهل العلم: أنهم كفار، وأن دارهم دار حرب، مع إظهارهم شعائر الإسلام. وفي مصر من العلماء والعباد أناس كثير، وأكثر أهل مصر لم يدخل معهم فيما أحدثوا من الكفر. ومع ذلك أجمع العلماء على ما ذكرناه... وأكثر علماء التصنيف والكلام في كفرهم مع ما ذكرنا من إظهارهم شرائع الإسلام الظاهرة». وكلام أئمة الإسلام واضح في أن غالب أهل مصر بقوا مسلمين ومع ذلك أجمع العلماء على أنها دار حرب لأن حكامها شيعة لا يحكمون بالإسلام، مع إقامتهم لكثير من شعائر الإسلام الظاهرة كالجمع والعيدين والصلوات الخمس والأذان. واليوم نجد الدول الغربية تسمح بإقامة شعائر الإسلام وبالدعوة إليه، ومع ذلك هي ديار كفر بالإجماع. ولا تلازم بين الحكم على الدار بأنها دار كفر وبين الحكم على أهلها بأنهم كفار، فالمسلم تبقى حرمة نفسه وماله ودمه وعرضه أينما وجد وحيثما حل.

توصيف باقي الطوائف

الإسماعيلية يدعون الإسلام. فمن كان يبطن عقائد طائفته الباطنية القديمة، فحكمه حكم النصيرية (أي مرتد)، لكن غالبهم جاهل لدينه وللإسلام كذلك، وهم بالجملة مع الثورة. والدروز كذلك، مشايخهم مرتدون، وعامتهم ممن دون الأربعين جهلة، وهم بالجملة على الحياد (بعضهم بإدلب مع الثورة، وبعضهم بدمشق والجولان محارب ضدها). علما أن الدروز في إسرائيل يصنفون أنفسهم بأنهم دين مستقل عن الإسلام، لكن في سوريا ولبنان يدعون الإسلام تقية. أما اليزيدية فهم دين مستقل متفرع عن المجوسية القديمة، وإن اختلط بتقاليد إسلامية. يعيشون في جبل سمعان قرب عفرين وفي جبل سنجار. والمرشدية هم فرع من النصيرية لكنهم على الحياد. فالذي تقتضيه المصلحة الشرعية تحييد ما استطعنا من الطوائف وعدم استعداءها عملا بحديث «لا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ» (صحيح مسلم). أما بعد الثورة فتخير الطوائف التي تدعي الانتساب للإسلام بين أن تعترف أنها دين مستقل كالنصرانية، كما فعل الدروز في إسرائيل، أو عليها الالتزام بشعائر الإسلام.

ويقول ابن تيمية: «كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنها يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس، وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة، وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة كذلك. وإن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش أو الزنا أو الميسر أو الخمر أو غير ذلك من محرمات الشريعة، وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض و الأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة، وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى أن يسلموا أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون».

أحكام الأسرى

الكافر الحربي الذي يدعي الإسلام عندما يقع في الأسر، يقبل إسلامه -إن كان صادقا- وينفعه في الآخرة فقط، أما في الدنيا فلا يدفع عنه الحد والعقوبة الشرعية. صحيح أن الإسلام يجب ما قبله، لكن هذا في حالة من أسلم طوعاً وقد قيل في عمرو بن العاص رضي الله عنه. أما من أسلم في الأسر فلا يمنع من قتله، لأنه كان يقاتل المسلمين، لكن يصلى عليه عملا بالظاهر أنه مسلم. وأما الزنديق فلا يقبل إسلامه في الدنيا خاصة بعدما قدرنا عليه، والله أعلم.

هل الموالاة كفر؟

من والى الكفار وظاهر معهم على المسلمين لغرض من أغراض الدنيا، كان كافرا مرتدا. وهذا أوضحناه مفصلا في مقالنا عن موالاة الكفار.