الوحدان والمستورين في الصحيحين

التعريف: وحدان لغة جمع واحد، ويجمع على أحدان، كشاب وشبان. واصطلاحا هو من لم يرو عنه إلا شخص واحد يقال له من الوحدان. والمستور هو من عرفنا عينه وجهلنا حاله، فهو مستور الحال.

الحكم: يرى عامة أهل الحديث أن من كان من الوحدان فهو مجهول (إما الحال وهو الغالب إن روى عنه ثقة وإما العين). لكن هناك بعض الوحدان وثقهم أهل الحديث وقبلوا رواياتهم، لكن تبقى درجة توثيقهم دون توثيق المشاهير من الرواة. ويشترط الذهلي والبزار والداقطني وغيرهم (وعامة المتأخرين) لرفع الجهالة أن يروي عنه ثقتان. بل إن الدارقطني نص على ذلك في سننه (3|174) فقال: «أهل العلم بالحديث، لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته غير معروف. وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلاً مشهوراً أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه. وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعداً. فإذا كانت هذه صفته، ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينئذ معروفاً. فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك، حتى يوافقه غيره. والله أعلم».

الوحدان في الصحيحين: ليس في صحيح مسلم حديث أصل من رواية من ليس له إلا راو واحد أبداً. وليس في صحيح البخاري إلا حديث واحد عن تابعية من الوحدان وهي هند بنت الحارث (تفرد عنها الزهري)، وهي الاستثناء الوحيد الذي وجدته. وقد نص الحاكم النيسابوري على أن شرط الصحيحين عدم الاحتجاج بأحد الوحدان، وقد أخطأ البعض في فهم كلامه فاستدركوا عليه وهم مخطؤون. وقد يذكر البخاري أو مسلم الوحدان في الشواهد أو مقرونين. أما الصحابي من الوحدان، فمن جاء ذكره في موضع آخر كذكر اسمه في الغزوات أو الوفود أو نحو ذلك، فهو يستثنى من ذكر الوحدان ويحتج به الشيخان لأن صحبته تكون قد ثبتت. ولذلك أكثر ما ذكره الدارقطني في الإلزامات لا يلزمهما.