لا شك بحرمة استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب. أما حالة التضبيب بالذهب أو بالفضة فمسألة مختلفة. وكذلك مسألة التمويه (الطلاء المعدني الحديث). ولعل أفضل ما كُتِب في هذا الباب هي دراسة بعنوان "حكم الأواني الذهبية والفضية وما مُوِّه بهما، استعمالاً وبيعاً وشراء" تأليف د. صالح بن زابن المرزوقي البقمي، أستاذ الفقه في جامعة أم القرى.
وأهم نقطة في نظري هي ما خلص إليه الشيخ الباحث في الذهب المموه. فقد رجح جواز بيع المموه بالذهب والفضة وشرائه، مؤيداً ذلك بإجراء تحليل لعينات من الأواني عن طريق المفاعل النووي، في مركز التقنية البيئية التابع لكلية الأمبريل بجامعة لندن. حيث أظهر التحليـــل أن مقــدار الذهب والفضة ضئيل جداً. فوزن إحدى العينات 5.571 جراماً. ومقدار الذهب فيها 7.77 مليجرام . أي أنه لم يبلغ جراماً واحداً. فجزاه الله خيراً.
أما عن الذهب الأبيض
فقد ذهب الكاتب إلى أنه ليس الذهب المنهي عنه، ولكنه معدن البلاتين. وهذا خطأ فادح.
إذ لا يوجد في الجدول الدوري في الفيزياء شيء اسمه الذهب الأبيض! وإنما الذهب هو
الذهب الأصفر ورمزه Au. ولا علاقة له بمعدن البلاتين (والبلاتين أغلى من الذهب).
إنما الذهب الأبيض يتكون من إذابة الذهب الصافي مع بعض الشوائب البيضاء وغالباً من
النيكِل (nickel). والأنواع الحديثة تستعمل الروديوم (Rhodium) وهو معدن شبيه
بالبلاتين.
فمثلاً الذهب من نوع الـ18 أونصة، يتشكل دوماً من 75% ذهب صافي مع 25% شوائب أخرى
تحدّد لونه. فالذهب الأحمر تكون شوائبه غالبها نحاس مع قليل من الفضة.
بينما الذهب الأخضر تكون شوائبه غالبها فضة مع قليل من النحاس. والذهب الأبيض
تكون شوائبه من النيكل عادة، وأحياناً من التوتياء (zinc) وربما بعض النحاس.
والأنواع القديمة تستعمل الفضة مع البلاديوم (palladium): يضاف جزء من البلاديوم
إلى ستة أجزاء من الذهب بعيار (21) قيراطاً، فينتج ذهب أبيض بعيار (18) قيراطاً.
فالذهب الأبيض تجري عليه أحكام الذهب والفضة بقدر ما فيه منهما. فلا يجوز الشرب والأكل بالآنية المصنوعة منه، ولا يجوز للرجال التحلي به، وتجب فيه الزكاة بمقدار ما فيه من الذهب والفضة.
حكم الذهب المقطع:
أولاً: أما إذا كان
المطلي لا يخرج منه شيءٌ إذ عرض على النار فلا إشكال عندي في جواز لبسه، لأن من
لبسه لم يلبس "ذهباً"، وإنما لبس شيئاً مباحاً أصالةً، والذهب تابع مغلوب، فهو كلا
شيء.
ثانياً: وكذا فإن أرجح القولين أنه لا بأس بلبس يسير الذهب التابع للساعة، كالعقارب
والإطار والمسمار ونحوها، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الذهب إلا مقطعًا.
وقد تقرَّر فقهاً: أن التوابع مغتفرة، ولذا أبيح للرجل لبس الحرير إذا كان إصبعين
أو ثلاثة أو أربعة كما في مسلم عن عمر رضي الله عنه، كالطراز في "العباءة"، وهو
الذي يسمونه "العلَم" بفتح اللام.
ثالثاً: أما ما كان مستقلاً فممنوع ، ولو كان يسيراً؛ كخاتم الذهب، فإنه حرامٌ على
الرجل بلا ريب. هذا بالطبع في اللباس خاصة، لا في الآنية، فإن باب اللباس أوسع من
باب الآنية. وهذا اختيار ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإنه أجاز الطراز والعلَم في
الثوب من الحرير والذهب، إذا كان تابعاً، أربع أصابع فما دون.
رابعاً: إذا كانت الساعة مصنوعة من الذهب الخالص، أو كان الذهب مكفتاً ـ أي يجعل
صفائح يلف على أجزائها ـ، وكان شاملاً لأجزاء الساعة فهذا ممنوع ، لأنه لم يعد
تابعاً حينئذٍ، بل هو غالب.