الرد على الشبهات الدينية عند المسطحين

 

·       دليل كروية الأرض من القرآن

قال ابن زيد (182هـ) في قوله: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} "حين يذهب بالليل ويكور النهار عليه، ويذهب بالنهار ويكور الليل عليه".

وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية؛ لأنك إذا كوّرت شيئا على شيء، وكانت الأرض هي التي يتكوّر عليها هذا الأمر، لزم أن تكون الأرض التي يتكوّر عليها هذا الشيء كروية.

قال الألباني: "لا يوجد في الشرع أبداً ما ينفي كروية الأرض. ثم كروية الأرض أصبحت اليوم حقيقة علمية ملموسة لمس اليد. يعني يتهم الإنسان في عقله -أو على الأقل في علمه- فيما إذا جحد هذه الحقيقة"

 

·       دليل كروية الأرض من الإجماع

أول من نقل إجماع علماء الإسلام جميعا على كروية الأرض وعلى دورانها هو الإمام أحمد بن المنادي (ولد سنة 256هـ ومات سنة 336 هـ).

نقل عنه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25|195) أنه قال: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين: أحدهما في ناحية الشمال والآخر في ناحية الجنوب.

قال: ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركاتها ومقادير أجزائها إلى أن تتوسط السماء ثم تنحدر على ذلك الترتيب. كأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دورا واحدا.

قال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة.

قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب.

قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء كالنقطة في الدائرة. يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء على قدر واحد فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء.

 

·       شبهة نقل ابن المنادي من كتب اليونان

الحنابلة كانوا من أشد الناس تحريما لكتب اليونان في تلك الفترة. وابن المنادي منهم. قال عنه الفراء في طبقات الحنابلة: روى عن "عبد اللَّه بْن أَحْمَد (بن حنبل) وأكثر الرواية عَنْهُ وغيرهم، وكان ثقة أمينا ثبتا، صدوقا، ورعا حجة فيما يرويه ". وهو بالأصل مقرئ للقرآن، وليس من أهل الهيئة. وإنما ينقل عن مفسري القرآن لا عن الفلاسفة الذين لا يعرفهم.

قال عنه ابن الجزري في طبقات القراء: "الإمام المشهور، حافظ ثقة متقن محقق ضابط". وقال عنه الذهبي: "كان ثقة من كبار القراء". وقال أَبو عمرو الداني: "مقرئ جليل غاية في الإتقان، فصيح اللسان، عالم بالآثار، نهاية فِي علم العربية، صاحب سنة، ثقة مأمون".

 

·       شبهة نقل ابن المنادي من كتاب بطليموس

الجواب لا يوجد أي تشابه بين صيغة كلام ابن المنادي وبين ترجمة كلام بطليموس (كتبه تحت النوع الرابع) كما يزعم المسطح. كل ما هنالك أن كلاهما ضربا مثلا أن الشمس والقمر لا يشرقا في نفس الوقت على كل الأرض. وهذا كلام عام معلوم بالبداهة، ولا يعني النقل من الآخر.

 

·       شبهة نقل علماء الإسلام الإجماع عن أهل الهيئة

الإجماع لا يكون إلا عن الفقهاء المجتهدين، وهذا بديهي. ونصوص من نقل الإجماع واضحة في هذا. وممن نقل الاجماع من العلماء على كروية الأرض:

ابن المنادي

ابن الجوزي

ابن حزم

ابن جزي الكلبي

نظام الدين النيسابوري

ابن تيمية

الشنقيطي

ابن عثيمين

قال ابن تيمية: وَحَكَى الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلائِلِ السَّمْعِيَّةِ. وإن كان قد أقيم على ذلك أيضاً دلائل حسابية. ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين مَن أنكر ذلك.. وما علمت من قال غير مستديرة وجزم بذلك إلا الجهال.

وقال الإمام ابن حزم الأندلسي: «إنّ أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعهِ كلمة، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها».

وانظر https://quran-m.com/?p=718 و https://islamqa.info/ar/answers/118698/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6

 

·       دليل دوران الأرض

الآيات {وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرضُ المَيتَةُ...} إلى قوله {وَلَا اللَّيلُ سابِقُ النَّهارِ ۚ وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ}.

قال الشيخ الألباني: نحن الحقيقة لا نشكُّ في أن قضية دوران الأرض حقيقة علمية لا تقبل جدلًا... لفظة {كُلٌّ} تشمل الآية الأولى: الأرض ثم الشمس ثم القمر، ثم قال تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.

وقال الإمام المقرئ ابن المنادي: "أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة". فأثبت أن للأرض حركات.

 

·       الفرق بين المسطح قديما والمسطح حديثا

إنكار كروية الأرض اليوم متلازم مع إنكار كل العلوم الحديثة وإنكار الواقع المشاهد بالتواتر أيضا (من الجو ومن الفضاء)، فهو أشبه بأزمة نفسية أو بتعاطي مخدرات من جهة أنه الشخص يريد إنكار ما يشاهده فيعيش بعالم خيالي.

ويزيد في الطنبور نغمة لما يعتبر أن كلامه معلوم بالدين بالضرورة، وأن مخالفه كافر مخالف للقرآن متبع لناسا ومقلد للكفار!

أرى أن الحل ليس بنقاش هؤلاء علميا لأنهم ينكرون العلوم كلها، بل بمعالجة أصل المشكلة، وهي مشكلة نفسية. فالأصل التركيز على الدوافع النفسية. نسأل الله لهم الهداية والشفاء.

 

·       شبهة بسط الأرض ومدها وسطحا

قال فخر الدين الرازي (ت: 606هـ - 1209م) في "مفاتيح الغيب" في تفسير قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ}: ((المدُّ هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه، فقوله: "وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ" يُشعر بأنه تعالى جعل حجم الأرض حجمًا عظيمًا لا يقع البصر على منتهاه؛ لأن الأرض لو كانت أصغر حجما مما هي الآن عليه لما كَمِلَ الانتفاع به... والكرة إذا كانت في غاية الكِبَر، كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح)).

 

·       شبهة {وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ}

الجواب أن الواو في لغة العرب لا تفيد التماثل. مثلا في الآية {إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ}. قال ابن حزم في كتابه الفصل (2|83): وذكرت الأرض هنا لدخولها في جملة مساحة السماوات ولإحاطة السماوات بها.

والسلف مجمعون على أن السماء أعظم من الأرض وهي التي تحيط بها. عن التابعي إياس بن معاوية 122 هـ، في قوله: (رفع السماوات بغير عمد ترونها) قال: السماء مُقَبَّبَةٌ على الأرض مثل القبة. وقال ابن القيم عن الأرض: هي بالنسبة إليها (للسماء) كحصاة في صحراء.

 

·       شبهة هل الأرض أم السماء خلقت أولا؟

الجواب في قوله تعالى {أَنَّ السَّماواتِ وَالأَرضَ كانَتا رَتقًا فَفَتَقناهُما} فقد كانتا مادة واحدة، ثم انفصلتا، ويسمي الفيزيائيون هذا بالانفجار العظيم {وَالسَّماءَ بَنَيناها بِأَيدٍ وَإِنّا لَموسِعونَ}.

 

·       شبهة حديث البيت المعمور بحذاء الكعبة

أصل الحديث صحيح، أما أنه فوق الكعبة فلم يصح ذلك، وإنما رواه الطبري عن التابعي قتادة ذكر أن نبيّ الله ﷺ قال: "فإنَّهُ مَسْجِدٌ في السَّماء تَحْتَهُ الكَعْبَة لَوْ خَرّ لَخَرّ عَلَيها". وهذا إسناد منقطع لا يصح، فلا حجة فيه.

 

·       شبهة عدم القدرة على الصعود للفضاء

المسطح يحتج بآية: {يا مَعشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذوا مِن أَقطارِ السَّماواتِ وَالأَرضِ فَانفُذوا ۚ لا تَنفُذونَ إِلّا بِسُلطانٍ}

وهذه جاءت عن يوم القيامة لأن الآية التي قبلها عن يوم الحساب {سَنَفرُغُ لَكُم أَيُّهَ الثَّقَلانِ} وبعدها {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَت وَردَةً كَالدِّهانِ}. أما معناها فقد قال ابن كثير: أي: لا تستطيعون هربا من أمر الله وقدره، بل هو محيط بكم، لا تقدرون على التخلص من حكمه، ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أحيط بكم، وهذا في مقام المحشر.

وفي كل الأحوال قد علمنا أن الجن تصعد للحدود السماء الدنيا وتسترق السمع، فيرسل الله عليها شهبا حارقة. والشمس والقمر والنجوم هي دون حدود السماء الدنيا. قَالَ تَعَالَى {إِنَّا زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بزينة الْكَوَاكِب وحفظاً من كل شَيْطَان مارد}. قال ابن حزم: وَهَذَا هُوَ نَص مَا قَامَ الْبُرْهَان عَلَيْهِ من أَن الْكَوَاكِب المرمي بهَا هِيَ دون سَمَاء الدُّنْيَا.

 

·       شبهة {فيها تَحيَونَ وَفيها تَموتونَ}

قال المسطح لا يمكننا إرسال رائد فضاء لأنه قد يموت خارج الأرض.

ونقول: قال تعالى {أَينَما تَكونوا يُدرِككُمُ المَوتُ وَلَو كُنتُم في بُروجٍ مُشَيَّدَةٍ} قال الطبري أي قصور بأعيانها بالسماء. ثم ينقل الجثة للأرض يوم القيامة يوم تبدل الأرض غير الأرض ويحييها هناك. وبكل الأحوال لم يمت أي رائد فضاء خارج الأرض.

 

·       من هو الشاعر القحطاني؟

شاعر مجهول العين. وهو ليس عالم الحديث القحطاني الذي له ترجمة فالقصيدة تتكلم عن أحداث لم تكن بعصره. ولم يتناقل أحد من أهل العلم هذه الأبيات حتى اقتبس ابن القيم بعضها منها فاشتهرت عند بعض المعاصرين، لكن الأبيات الأخرى فيها شدد عقائدي وانحراف خطير.

https://islamqa.info/ar/answers/161853/%D9%86%D8%A8%D8%B0%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A

https://islamqa.info/ar/answers/247070/%D9%87%D9%84-%D8%B9%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF%D8%B3%D8%A9-%D9%88%D9%86%D9%87%D9%89-%D8%B9%D9%86-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D9%85%D8%A7

 

·       فائدة:

قال أبو حامد الغزالي (ت: 505هـ - 1111م) في كتابه "معيار العلم": ((عرف العقل -ببراهين لم يقدر الحس على المنازعة فيها- إن قرص الشمس أكبر من كرة الأرض، بأضعاف مضاعفة)).