حكم رضاع الكبير

بسم الله الرحمن الرحيم


طعونات الشيعة الإثنا عشرية في أحاديث أهل السنة لا تنتهي. لكننا أمام حديث كثر الكلام فيه وتهويله حتى كثرت التشنيع به على أهل السنة. كما صار حديث رضاع الكبير هذا، مضغة في أفواه النصارى يتصايحون به و يقذفونه في وجوه المسلمين حين عجزهم عن مواجهة الواقع الأليم في كتابهم "المكدس" بالفضائح الجنسية! لذا وجب الوقوف أمام جهلهم أو تجهيلهم حتى نقيم الحجة عليهم و يكون الجميع على بينة.

نص الحديث:
أخرج مسلم في صحيحه (2|1076) عن عائشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي
r فقالت: «يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه». فقال النبي r: «أرضعيه». قالت: «وكيف أُرضِعُهُ وهو رَجُلٌ كبير؟». فتبسّم رسول الله r وقال: «قد عَلِمْتُ أنه رجُلٌ  كبير». فرجعت فقالت: «إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة».

موضع الشبهة:
يقول الشيعي: كيف أرضعت سهلة بنت سهيل ذلك الرجل؟ وهل يجوز لها أن تكشف عورتها أو ترضعه؟

 

الجواب:
نقول: الحديث ذَكَرَ الرّضاعة، ولم يَذكر مباشرتها الرجل بالرضاعة أو مصّ الثدي أصلاً! بل قامت سهلة بنت سهيل بوضع اللبن في الإناء وسقيه  له. قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (8|257): «هكذا إرضاع الكبير كما ذكر: يحلب له اللبن ويسقاه. وأما أن تلقمه المرأة ثديها –كما تصنع بالطفل– فلا. لأن ذلك لا يَحِلُّ عند جماعة العلماء. وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من لبن  المرأة، وإن لم يمصه من ثديها. وإنما اختلفوا في السعوط به وفي الحقنة والوجور وفي حين يصنع له منه، بما لا حاجة بنا إلى ذكره  هاهنا». وقال ابن حجر في الفتح (9|148): «التغذية بلبن المرضعة يحرِّم، سواء كان بشرب أم بأكل، بأيِّ صفةٍ كان، حتى الوجور والسعوط والثرد والطبخ، وغير ذلك إذا ما وقع ذلك بالشرط المذكور من العدد، لأن ذلك يطرد الجوع». الوجور هو صب اللبن في الفم، والثرد هو خلط  اللبن بالخبز.

 

فمن الواضح أن العلماء مجمعون على أنه لا يجوز بحال أن يرى ويمس ثدي المرأة من الرجال غير زوجها. وإلا فإن التعسف والقول بالرضاعة المباشرة فيه نكارة شديدة. ذلك أن حذيفة يغار من دخوله على زوجه. فكيف يأمرها النبي بأمرٍ يغار منه المرء أشد من غيرته من الدخول، ألا وهو الرضاعة؟ هذا إذا افترضنا أن الرضاعة لا بد أن تكون من الثدي مباشرة. وإلا فالسلف الصالح مجمعون على أن الطفل الذي يشرب الحليب من غير رضعه من الثدي مباشرة يثبت له حكم الرضاعة.

 

وإلى هذا تشير روايةٌ أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8|271): «أخبرنا محمد بن عمر حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن أبيه قال: كانت سهلة تحلب في مسعط أو إناءٍ قدر رضعة، فيشربه سالمٌ في كل يومٍ حتى مضت خمسة أيام. فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسِرٌ رأسها، رُخصة من رسول اللّه r لسهلة بنت سهيل». وأخرج عبد الرازق في مصنفه (7|458): عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يُسأل، قال له رجل: «سقتني امرأة من لبنها بعدما كنت رجلاً كبيراً، أأنكحها؟». قال: «لا». قلت: «وذلك رأيك؟». قال: «نعم. كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها». ويتضح من هذين الأثرين أن تناول الكبار اللبن كان من إناء، كما صرح به في الأول وهو مرسل، وكما هو واضح من لفظة "سقتني" في الثاني وهو متصل (إذ صح سماع عطاء من أمنا عائشة).

 

وللنظر إلى قول ابن قتيبة الدينوري (ت 276ه) و هو عالم نحوي ليس له مثيل و خبير باللغة العربية و معانيها. قال في "تأويل مختلف الحديث" (ص308): «فأراد رسول الله r -بمحلها عنده، و ما أحب من ائتلافهما، و نفي الوحشة عنهما- أن يزيل عن أبي حذيفة هذه الكراهة، و يطيب نفسه بدخوله. فقال لها "أرضعيه". و لم يرد: ضعي ثديك في فيه، كما يفعل بالأطفال. و لكن أراد: احلبي له من لبنك شيئاً، ثم ادفعيه إليه ليشربه. ليس يجوز غير هذا، لأنه لا يحل لسالم أن ينظر إلى ثدييها، إلى أن يقع الرضاع. فكيف يبيح له ما لا يحل له و ما لا يؤمن معه من الشهوة؟!».

وبهذا تزول الشبهة. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
 

مصّ الثدي أصلاً! بل قامت سهلة بنت سهيل بوضع اللبن في الإناء وسقيه له. قال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (8|257): «هكذا إرضاع الكبير كما ذكر: يحلب له اللبن ويسقاه. وأما أن تلقمه المرأة ثديها –كما تصنع بالطفل– فلا. لأن ذلك لا يَحِلُّ عند جماعة العلماء. وقد أجمع فقهاء الأمصار على التحريم بما يشربه الغلام الرضيع من لبن  المرأة، وإن لم يمصه من ثديها. وإنما اختلفوا في السعوط به وفي الحقنة والوجور وفي حين يصنع له منه، بما لا حاجة بنا إلى ذكره  هاهنا». وقال ابن حجر في الفتح (9|148): «التغذية بلبن المرضعة يحرِّم، سواء كان بشرب أم بأكل، بأيِّ صفةٍ كان، حتى الوجور والسعوط والثرد والطبخ، وغير ذلك إذا ما وقع ذلك بالشرط المذكور من العدد، لأن ذلك يطرد الجوع». الوجور هو صب اللبن في الفم، والثرد هو خلط  اللبن بالخبز.

 

فمن الواضح أن العلماء مجمعون على أنه لا يجوز بحال أن يرى ويمس ثدي المرأة من الرجال غير زوجها. وإلا فإن التعسف والقول بالرضاعة المباشرة فيه نكارة شديدة. ذلك أن حذيفة يغار من دخوله على زوجه. فكيف يأمرها النبي بأمرٍ يغار منه المرء أشد من غيرته من الدخول، ألا وهو الرضاعة؟ هذا إذا افترضنا أن الرضاعة لا بد أن تكون من الثدي مباشرة. وإلا فالسلف الصالح مجمعون على أن الطفل الذي يشرب الحليب من غير رضعه من الثدي مباشرة يثبت له حكم الرضاعة (إلا قولاً شذ به الليث وحده).

 

وإلى هذا تشير روايةٌ أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8|271): «أخبرنا محمد بن عمر حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن أبيه قال: كانت سهلة تحلب في مسعط أو إناءٍ قدر رضعة، فيشربه سالمٌ في كل يومٍ حتى مضت خمسة أيام. فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسِرٌ رأسها، رُخصة من رسول اللّه r لسهلة بنت سهيل». وأخرج عبد الرازق في مصنفه (7|458): عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يُسأل، قال له رجل: «سقتني امرأة من لبنها بعدما كنت رجلاً كبيراً، أأنكحها؟». قال: «لا». قلت: «وذلك رأيك؟». قال: «نعم. كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها». ويتضح من هذين الأثرين أن تناول الكبار اللبن كان من إناء، كما صرح به في الأول وهو مرسل، وكما هو واضح من لفظة "سقتني" في الثاني وهو متصل (إذ صح سماع عطاء من أمنا عائشة).

 

وللنظر إلى قول ابن قتيبة الدينوري (ت 276ه) و هو عالم نحوي ليس له مثيل و خبير باللغة العربية و معانيها. قال في "تأويل مختلف الحديث" (ص308): «فأراد رسول الله r -بمحلها عنده، و ما أحب من ائتلافهما، و نفي الوحشة عنهما- أن يزيل عن أبي حذيفة هذه الكراهة، و يطيب نفسه بدخوله. فقال لها "أرضعيه". و لم يرد: ضعي ثديك في فيه، كما يفعل بالأطفال. و لكن أراد: احلبي له من لبنك شيئاً، ثم ادفعيه إليه ليشربه. ليس يجوز غير هذا، لأنه لا يحل لسالم أن ينظر إلى ثدييها، إلى أن يقع الرضاع. فكيف يبيح له ما لا يحل له و ما لا يؤمن معه من الشهوة؟!».

 

وبهذا تزول الشبهة. فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.