كتب الحديث ومراتبها

 

قَسَّمَ الشيخ وليُّ الله الدّهلوي –رحمه الله تعالى– في كتابه الشهير "حُجَّة الله البالغة" (1|107): كتب الحديث إلى خمس طبقات. جعل الأولى للصحيحين والموطأ. والثانية للسنن الثلاثة: أبي داود والنسائي والترمذي. والثالثة قال فيها: «والطبقة الثالثة: مسانيد، وجوامع، ومصنَّفات. صُنّفت قبل البخاري ومسلم، وفي زمانهما، وبعدهما. جمعت بين الصحيح والحسن، والضعيف والمعروف، والغريب والشاذ والمنكر، والخطأ والصواب، والثابت والمقلوب. ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار، وإن زال عنها اسم النكارة المطلقة. (قال ابن الصلاح: فلهذا تأخرت مرتبتها –وإن جلَّت لجلالة مؤلّيفيها– عن مرتبة الكتب الخمسة وما التحق بها من الكتب المصنّفة على الأبواب).
ولم يتداول ما تفرَّدت به الفقهاءُ كثير تداول. ولم يفحص عن صحَّتها وسقمها، المحدثون كثير فحص. ومنه ما لم يخدمه لغوي ٌّ بشرح غريب، ولا فقيهٌ بتطبيقه بمذاهب السلف، ولا محدّثٌ ببيان مشكله، ولا مؤرّخ بذكر أسماء رجاله. ولا أريد المتأخرين المتعمقين، وإنما كلامي في الأئمة المتقدمين من أهل الحديث. فهي باقية على استتارها واختفائها وخمولها. (فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحاريرُ الجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث. نعم ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد). كـ"مسند أبي يعلى" و "مصنف عبد الرازق" و "مصنَّف أبي بكر بن أبي شيبة" و "مسند عبد بن حُميد" و "مسند الطيالسي"، وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني. وكان قصدهم جمع ما وجدوه، لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل.
والطبقة الرابعة: كتبٌ قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين. وكانت في المجاميع والمسانيد المختفية، فنوَّهوا بأمرها. وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون، ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء. أو كانت من آثار الصحابة والتابعين. أو من أخبار بني إسرائيل. أو من كلام الحكماء والوعاظ، خلطها الرواة بحديث النبي (
r) سهواً أو عمداً. أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح، فرواها بالمعنى قومٌ صالحون لا يَعرفون غوامض الرواية، فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة. أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة، جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمداً. أو كانت جُملاً شتى في أحاديث مختلفة، جعلوها حديثاً واحداً بنسقٍ واحدٍ. ومظنة هذه الأحاديث: "كتاب الضعفاء" لابن حبان، و "كامل" ابن عدي، وكتب الخطيب، وأبي نعيم، والجوزقاني، وابن عساكر، وابن النجار، والديلمي. وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة. وأصلح هذه الطبقة: ما كان ضعيفاً، ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار».

=======

كت
ب الفضائل

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (7|178 مختصراً): «النسائي صنف "خصائص علي" وذكر فيه عدَّة أحاديث ضعيفة. وكذلك أبو نُعيم في "الفضائل"، وكذلك الترمذي في "جامعه" روى أحاديث كثيرة في فضائل علي، كثير منها ضعيف». وقريباً من ذلك في (8|195) مع إضافة ابن عبد البر.

وفي موضع آخر منه (7|312): «من الناس من قصد رواية كلّ ما رُوي في الباب، من غير تمييز بين صحيح وضعيف. كما فعل أبو نُعيم في "فضائل الخلفاء"، وكذلك غيره ممن صنَّف في الفضائل. ومثل ما جمعه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو علي الأهوازي وغيرهما في "فضائل معاوية". و مثل ما جمعه النسائي في "فضائل علي"، و كذلك ما جمعه أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" في فضائل عليّ وغيره».